باكستان- فيضانات كارثية تودي بحياة المئات وخيبر بختونخوا الأكثر تضرراً

أعلنت السلطات الباكستانية، اليوم السبت، عن حصيلة مأساوية جراء الأمطار الموسمية الغزيرة والسيول الجارفة التي ضربت مناطق شمال البلاد، وبالأخص إقليم خيبر بختونخوا، حيث ارتفع عدد الضحايا إلى ما لا يقل عن 320 قتيلاً خلال الثماني والأربعين ساعة الأخيرة. وبذلك، يرتفع إجمالي عدد الضحايا إلى أكثر من 600 شخص منذ بداية موسم الأمطار الاستثنائي الذي بدأ في أواخر يونيو 2025، وذلك وفقاً لتقارير مفصلة صادرة عن الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث.
وقد كان إقليم خيبر بختونخوا هو المنطقة الأشد تضرراً، حيث سجلت منطقة بونير وحدها مأساة بـ 184 حالة وفاة نتيجة للسيول العنيفة والانهيارات الأرضية المدمرة التي نجمت عن الأمطار الطوفانية. ولقد أدت الأمطار الغزيرة إلى تدمير شامل لمئات المنازل، وغمرت المياه الطرق الرئيسية، وألحقت أضراراً فادحة بالبنية التحتية الحيوية والمحاصيل الزراعية التي تشكل أساس الأمن الغذائي. وفي حادثة أليمة، تحطمت طائرة مروحية عسكرية أثناء قيامها بمهمة إغاثية في منطقة باجور المنكوبة بسبب الأحوال الجوية السيئة للغاية، مما أدى إلى مصرع جميع أفراد طاقمها المكون من خمسة جنود.
وأوضحت التقارير الواردة أن فرق الإنقاذ الباسلة تمكنت من إجلاء ما يزيد على 3,500 سائح كانوا عالقين في مناطق منكوبة مثل وادي سيران في مانسيهرا، التي تضررت بشكل بالغ جراء الانهيارات الأرضية المتفاقمة. ومع ذلك، لا يزال العشرات في عداد المفقودين، مما يزيد من حجم المأساة. وقد أصدرت هيئة الأرصاد الجوية تحذيرات شديدة اللهجة من استمرار هطول الأمطار الغزيرة حتى يوم الخميس القادم، مع تنبيهات من مخاطر حدوث فيضانات كارثية نتيجة لذوبان الأنهار الجليدية في المناطق الشمالية.
وقد أعلن رئيس الوزراء شهباز شريف حالة الطوارئ القصوى في إقليم خيبر بختونخوا، وأصدر توجيهات عاجلة بتسريع وتيرة عمليات الإنقاذ والإغاثة لتقديم المساعدة للمتضررين. كما أعرب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية إسحاق دار عن خالص تعازيه ومواساته للعائلات المتضررة، مؤكداً أن الفرق المدنية والعسكرية تعمل ليل نهار لتقديم الدعم والإسناد اللازمين للمتضررين.
وتعتبر باكستان من بين الدول الأكثر عرضة لتداعيات التغير المناخي العالمي، حيث تشهد أحداثاً مناخية قاسية ومتطرفة بشكل متزايد، بما في ذلك الفيضانات المفاجئة والانهيارات الأرضية المدمرة التي تنجم عن الأمطار الموسمية الغزيرة. ويجلب موسم الرياح الموسمية، الذي يبدأ عادة في أواخر يونيو ويستمر حتى سبتمبر، ما يتراوح بين 70 إلى 80% من إجمالي الأمطار السنوية في منطقة جنوب آسيا، وهو أمر حيوي للغاية للزراعة والأمن الغذائي المستدام.
إلا أن هذه الأمطار الموسمية تتسبب في كوارث مدمرة، خاصة في المناطق الجبلية الشمالية مثل خيبر بختونخوا وكشمير وجيلجيت-بلتستان. وفي عام 2022، شهدت باكستان أسوأ موسم فيضانات في تاريخها الحديث، حيث لقي أكثر من 1,700 شخص مصرعهم وتسببت الأمطار في خسائر وأضرار تقدر بنحو 40 مليار دولار أمريكي. ويعزو العلماء ازدياد حدة هذه الأحداث المناخية المتطرفة إلى التغير المناخي، الذي يؤدي إلى هطول أمطار مفاجئة وغزيرة على مناطق محدودة، وهو ما يعرف بظاهرة «الانفجارات السحابية» المدمرة.