قسطرة الركبة- علاج فعال وآمن لآلام المفاصل المزمنة بدون جراحة

كشفت دراسة معمقة، أُجريت بتفصيل وإتقان من قبل باحثين مرموقين في مركز «لانغون» الصحي التابع لجامعة نيويورك، عن بارقة أمل واعدة في ميدان علاج آلام الركبة المزمنة. الدراسة سلطت الضوء على إجراء طبي مبتكر، يتميز بأنه طفيف التوغل ويعرف باسم «قسطرة الشريان الركبي»، والذي يحمل في طياته القدرة على تخفيف المعاناة الناتجة عن هشاشة المفاصل، وذلك دون الحاجة إلى اللجوء إلى التدخل الجراحي التقليدي.
يتم تنفيذ هذا الإجراء الدقيق تحت تأثير تخدير خفيف، وفي غضون فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز الساعتين، وذلك على أيدي اختصاصيين مؤهلين في مجال الأشعة التداخلية. يهدف هذا الإجراء إلى تحقيق تخفيف الألم المنشود، وتجنب الإجراءات الجراحية التقليدية أو عمليات استبدال المفصل التي قد تكون أكثر تعقيداً. تعتمد آلية هذا العلاج المبتكر على حجب ومنع التدفق الدموي غير الطبيعي الذي ينتج عن التهابات ناجمة عن تآكل الغضاريف، وهو الأمر الذي بدوره يؤدي إلى نمو وتكاثر الأوعية الدموية الصغيرة، مما يزيد من حدة الإحساس بالألم.
تتم العملية بحذر وعناية فائقة، عبر إدخال قسطرة دقيقة من خلال شق صغير جداً في منطقة الفخذ، وذلك للوصول إلى الشريان المستهدف بدقة متناهية. بعد ذلك، يتم حقن حبيبات دقيقة من مادة هيدروجيل متوافقة حيوياً مع الجسم، وذلك لحجب ومنع تدفق الدم في أي من الشرايين الستة التي تغذي الغشاء الزليلي للركبة. هذه الخطوة الحاسمة تقلل من الالتهابات وتخفف من حدة الألم بشكل ملحوظ.
بعد هذا الإجراء الطبي، يخضع المرضى لمتابعة دورية ومنتظمة، تهدف إلى تقييم دقيق لمستوى الألم الذي يشعرون به، وتقييم درجة تيبس الركبة، بالإضافة إلى قياس مدى قدرتهم على الحركة بحرية وسهولة. أظهرت النتائج المثمرة أن أكثر من 60% من بين 25 مريضًا خضعوا لهذا الإجراء شهدوا تحسناً كبيراً وملحوظاً في الأعراض بعد مرور عام كامل. بالإضافة إلى ذلك، سجل الباحثون انخفاضاً ملحوظاً في مستويات بروتينين مرتبطين بشكل وثيق بالالتهاب والتغيرات الهيكلية التي تحدث في الركبة، وهو ما قد يمثل مؤشراً بيولوجياً قوياً على نجاح هذا العلاج.
أوضح الباحثون المتخصصون أن هذا الإجراء يمثل بديلاً آمناً وفعالاً للجراحة التقليدية في علاج آلام المفاصل. الألم المزمن الناتج عن هشاشة مفاصل الركبة يعتبر حالة شائعة تصيب الكثيرين، وتحدث عندما تبدأ الغضاريف في التآكل التدريجي، مما يؤدي إلى احتكاك العظام ببعضها البعض وتهيج الأنسجة المحيطة. هذا التآكل يسبب التهاباً شديداً في المفصل وزيادة في نمو الأوعية الدموية الصغيرة التي تجلب خلايا مناعية إضافية، مما يزيد من تفاقم الألم والتورم ويحد من القدرة على الحركة الطبيعية.
وأضاف الفريق البحثي أن هذا الإجراء الطبي يعتبر مناسباً بشكل خاص للمرضى الذين لم يصلوا بعد إلى المرحلة التي تستدعي استبدال الركبة، أو أولئك الذين لا يستطيعون الخضوع للجراحة بسبب التقدم في العمر أو عوامل خطر صحية أخرى، مثل السمنة المفرطة، أو مرض السكري غير المسيطر عليه، أو أمراض القلب المختلفة، أو التدخين. يخطط الباحثون لمواصلة دراسة الآلية الدقيقة التي يتم من خلالها تخفيف الالتهاب، ومدة استمرار الفوائد المرجوة، بالإضافة إلى تحديد الفئات الأكثر استفادة من هذا العلاج المبتكر.