وفاة سين جنشيتسو- معلم الشاي الياباني وسفير السلام العالمي

المؤلف: «عكاظ» (طوكيو)08.19.2025
وفاة سين جنشيتسو- معلم الشاي الياباني وسفير السلام العالمي

ببالغ الأسى، أعلنت مدرسة أوراسينكيه العريقة، المتخصصة في تعليم فنون وتقاليد الشاي الياباني الأصيل، عن رحيل قامة شامخة في عالم الشاي، المعلم الياباني المرموق، الدكتور سين جنشيتسو. لقد انتقل إلى جوار ربه الرئيس الخامس عشر لهذه المدرسة العريقة، الذي يعتبر أيقونة بارزة في فن الشاي التقليدي وسفيراً للسلام العالمي من خلال هذا الفن الرفيع، عن عمر يناهز 102 عام قضاها في خدمة هذا الموروث الثقافي.

وذكرت «وكالة كيودو اليابانية للأنباء» أن الراحل جنشيتسو، كان يشغل في الماضي منصب المعلم الأكبر لمدرسة «أوراسينكيه»، التي تعتبر واحدة من أبرز ثلاث مدارس رائدة في فن الشاي الياباني العريق، وقد أفنى حياته في الترحال بين أكثر من 60 دولة حول العالم، حاملاً معه رسالة نبيلة تتمثل في «السلام من خلال ارتشاف فنجان شاي». وفي شبابه، تم تجنيده كطيار في صفوف البحرية الإمبراطورية اليابانية خلال فترة الحرب العالمية الثانية، إلا أنه لم يشارك فعلياً في أي مهمة قتالية، وذلك لانتهاء الحرب قبل أن يتم استدعاؤه.

وُلد سين جنشيتسو في عام 1923 في أحضان عائلة أوراسينكيه العريقة في مدينة كيوتو، تلك العائلة التي تمتد جذورها التاريخية إلى المعلم الشهير سن نو ريكيو (1522–1591)، الذي يُنسب إليه الفضل في تأسيس أسلوب «وابي» المتميز في فن الشاي.

عقب انتهاء الحرب، سافر جنشيتسو إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1951 لنشر فن الشاي وثقافة الضيافة اليابانية، وتولى منصب المعلم الخامس عشر لمدرسة أوراسينكيه في عام 1964، وظل في هذا المنصب الرفيع حتى عام 2002، تاركاً بصمة لا تُمحى في تاريخ المدرسة.

وقد حظي بتقديم الشاي لكبار الشخصيات اليابانية والزعماء الدوليين البارزين، من بينهم على سبيل المثال لا الحصر الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا، والبابا يوحنا بولس الثاني بابا الفاتيكان، والرئيس الأمريكي جورج بوش الابن.

كما ألقى جنشيتسو محاضرات قيمة في جامعات مرموقة مثل جامعة هاواي، والتقى بالزعيم الصيني الراحل دنغ شياو بينغ، الأمر الذي أفضى إلى تأسيس مؤسسة تعليمية متخصصة في فن الشاي في الصين. وفي الفاتيكان، قام بتقديم طقوس الشاي التقليدية أمام البابا، في لفتة رمزية تعبر عن الحوار الثقافي والإنساني العالمي.

وعلى الرغم من تقاعده الرسمي، إلا أن جنشيتسو واصل جهوده الدؤوبة لنشر السلام عبر «طريق الشاي»، وتبوأ مناصب رفيعة منها منصب سفير النوايا الحسنة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، وعمل أيضاً كمساعد خاص لوزير الخارجية الياباني.

تقديراً لإسهاماته الجليلة، حصل على وسام الثقافة الرفيع من الحكومة اليابانية في عام 1997، ليصبح أول شخصية من عالم الشاي تحظى بهذا التكريم المرموق، كما نال أيضاً وسام «جوقة الشرف» برتبة قائد من الجمهورية الفرنسية في عام 2020.

تضم مدرسة أوراسينكيه اليوم شبكة واسعة تتألف من 167 فرعاً داخل اليابان، ولها حضور عالمي مرموق، الأمر الذي يضمن تخليد إرث هذا المعلم الجليل الذي أفنى حياته في تحويل فنجان شاي بسيط إلى رمز للسلام العالمي والتفاهم المتبادل بين الثقافات.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة