Roblox- عالم افتراضي آمن أم خطر يهدد الأطفال؟

المؤلف: خالد الحارثي (عكاظ) ik_mh5@08.21.2025
Roblox- عالم افتراضي آمن أم خطر يهدد الأطفال؟

انطلقت منصة Roblox رقمياً في عام 2006، لكنها لم تنل قمة مجدها وشهرتها الطاغية إلا بعد عام 2016، وقبل أن تتحول خلال فترة جائحة كورونا المروعة في عام 2020 لتصبح واحدة من أضخم المنصات التفاعلية على مستوى العالم بأسره. لقد ازداد عدد اللاعبين المسجلين فيها بصورة ملحوظة من 115 مليوناً شهرياً ليصل إلى ما يزيد عن 200 مليون مستخدم نشط، وتصاعد ليصل في منتصف عام 2025 ليصل إلى ما يقرب من 380 مليون لاعب شهرياً، والغالبية العظمى منهم تقع في الشريحة العمرية ما بين 9 أعوام و15 عاماً.

بالرغم من بهجة ألوانها الخلابة وشخصياتها الكرتونية البسيطة التي تبعث في النفوس أنها أرض لعب آمنة ومأمونة، إلا أن «Roblox» تخبئ في ثناياها عالماً رحباً ومفتوحاً يتسم بتعقيد بالغ يفوق ما يظهر عليه للعيان. تقوم فلسفة هذه المنصة على منح المستخدمين حريات واسعة وشبه مطلقة في تصميم عوالمهم التخيلية وألعابهم الرقمية المبتكرة الخاصة بهم، وذلك باستخدام أدوات برمجية في غاية السهولة والتي تتيح لأي شخص كان إنشاء بيئات لعب متكاملة والتحكم التام في قوانينها ومحتواها المعروض. أسفرت هذه الحرية الجميلة عن ظهور مئات الآلاف من التجارب التعليمية المثرية والمغامرات الترفيهية الشيقة التي أسهمت بدور فعال في تنمية الخيال الخصب وتعزيز التعاون المثمر بين جموع اللاعبين، بيد أنها في الوقت ذاته سمحت ببروز محتويات غير لائقة ولا تتناسب إطلاقاً مع الفئة العمرية الأصغر سناً، وتتراوح بين مشاهد العنف المفرط القاسي والتحديات التي تتسم بطابع متهور أو سلبي بغيض.

خلال الشهور القليلة الماضية، تحولت هذه المنصة إلى بؤرة جدال متزايد الانتشار عقب تداول مقاطع مصورة على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، والتي أظهرت غرفاً افتراضية مغلقة بإحكام يديرها لاعبون مجهولون الهوية، حيث تدور تفاعلات غير مقبولة، وفي بعض الأحيان سيناريوهات لعب رقمية تحاكي سلوكيات عدوانية أو محفوفة بالمخاطر الجسيمة. تستخدم بعض هذه الغرف الأدوات المتاحة في «Roblox» لإنشاء بيئات تبدو في مظهرها الخارجي مجرد ألعاب مغامرات بريئة، إلا أنها في حقيقة الأمر تحتوي على رسائل أو ممارسات تتعارض بشكل صارخ مع القيم الأسرية الرفيعة والأخلاق الحميدة.

الأمر الذي يثير القلق البالغ هو أن هذه المحتويات المشينة لا تتركز في مكان واحد يسهل مراقبته والسيطرة عليه، بل تنتشر وتتوسع داخل ملايين العوالم التي ينشئها اللاعبون بشكل يومي، الأمر الذي يجعل من الصعب للغاية على فرق المراقبة المتخصصة رصد كل ما يجري حتى مع وجود أنظمة الإبلاغ المتطورة. يرى خبراء سلامة الإنترنت المتمرسون أن طبيعة التفاعل الفوري والمباشر بين اللاعبين، وغياب الفلترة الصارمة للمحادثات أو السلوكيات أثناء اللعب، يفتح الباب واسعاً أمام مواقف غير متوقعة على الإطلاق بالنسبة للأطفال الصغار، بدءاً من التعرض لمحتوى غير لائق ومرفوض، ووصولاً إلى التواصل مع أشخاص غرباء مجهولي الهوية.

هذه الثغرة الشاسعة بين الصورة الوردية والمثالية التي تسوقها الشركة العملاقة والواقع الفعلي المرير داخل أروقة المنصة دفعت ببعض الدول حول العالم بأسره، مثل: سلطنة عمان وجمهورية تركيا ودولة قطر وجمهورية الصين الشعبية إلى فرض قيود مشددة أو حظر «Roblox» بصورة كاملة، في محاولة جادة لحماية الأطفال والمراهقين الصغار من المحتوى المثير للجدل وتجنب المخاطر المرتبطة بالتفاعل المفتوح في بيئة يصعب السيطرة عليها وتنظيمها.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة